القراءة للأطفال استثمار في مستقبلهم التعليمي.

بينما تبدأ الحياة الدراسية والأكاديمية للطفل عند دخول المدرسة في سن خمسة الى ست سنوات، الا ان المهارات اللغوية والذهنية والتي تكوّن الأسس للعمليّة التعليمية تبنى قبل ذلك بكثير، في مرحلة الطفولة المبكرة. 

يهتم الناس في بلادنا بالتعليم، ويستثمر الآباء والأمهات المال والوقت والجهد لتوفير أحسن الفرص التعليمية لأبنائهم وبناتهم. وفي كثير من الأحيان فان التعليم يأخذ الأولوية في تقسيم الموارد المادية للأسرة، حتى لو كانت هذه الموارد محدودة. بالإضافة الى ذلك، فان كثيرا من الأمهات في مجتمعنا يقضين عدة ساعات يوميا في تدريس أطفالهن، ويعتبرن هذا الجهد في غاية الأهمية. وتستمر بعض الامهات بأداء هذا العمل من الروضة وحتى المرحلة الثانوية في بعض الاحيان. 

ولكن القليل من الأمهات والاباء يخصصون الوقت للقراءة للأطفال الصغار، او أن يشاركوهم في حوار او في نشاطات تفاعلية ومعرفية في السنوات الأولى من العمر. هذه النشاطات الثقافية تبني وتعزز المهارات اللغوية والعقلية التي تكوِّن اللبنات الأساسية للنجاح الاجتماعي والأكاديمي.

يبدأ الطفل باستقبال اللغة منذ الولادة، ومع انه لا يستطيع ان يميز الكلمات او معانيها الا انه يستطيع تمييز نبرة الصوت، فيهدأ إذا تحدث اليه الوالدين بهدوء وحنان.  في عمر ٢-٣ شهور يبدأ بإصدار أصوات مناغاة بسيطة، ولكن بهدف واضح وهو التفاعل مع من حوله.  في عمر ٦ شهور، يفهم الطفل معاني عدة كلمات ويزداد تفاعله اللغوي بترديد أصوات بعض الحروف أيضا بهدف التفاعل مع محيطه. يستمر تطور اللغة بالاكتساب المتسارع للكلمات في بداية السنة الثانية من العمر وبتكوين العبارات والجمل القصيرة. 

تثبت الأبحاث أن القراءة للأطفال في هذا العمر لها فوائد جمة في تطوير المهارات اللغوية والعقلية للطفل. إضافة الى ذلك، فإن القراءة توفر فرصاً قيمة للتفاعل الإيجابي والبنّاء بين الأطفال والأهل مما يساعد في تعزيز التنظيم السلوكي والانفعالي للطفل. 

عندما يجلس الطفل في حضن امه او ابيه لقراءة كتاب للأطفال، ويوجه الاب او الام انتباههما للقراءة للطفل والتفاعل معه، فان ذلك يعزز عند الطفل شعوره بالثقة والأمان، ويوجه طاقاته على التركيز وعلى اكتساب المهارات اللغوية والعقلية. إضافة الى سماع الكلمات فان القراءة للطفل توفر فرصا للطفل لاستعمال اللغة وللتفكير بالمعنى وطرح الأسئلة وكل هذه الأمور من شأنها ان تقوي المهارات اللغوية والعقلية. 

تثبت الأبحاث أيضا ان مستوى التبادل اللغوي بين الاهل والأطفال الذي يتم خلال القراءة المشتركة يكون أعلى من مستوى الكلام المتبادل في الحديث اليومي مما يعطي الفرص للطفل لتعلم أعمق لاستعمال اللغة.

قد يجد البعض صعوبة في العثور على كتب للأطفال بمستوى مرضي. فعلى سبيل المثال يفضل الآباء والأمهات كتب الأطفال بالعربية الفصحى السليمة و التي تحتوي على معلومات مفيدة او القصص التي تحتوي على العبر ودروس الحياة التي تتلاءم مع قيم المجتمع. 

بالرغم من ان مشاغل الحياة كثيرة والوقت قد يبدو ضيقاً، إلا ان تخصيص فترة من الزمن للقراءة للطفل بانتظام هو استثمار في بناء أسس للتطور اللغة والقدرات العقلية ومهارات التركيز والفهم كما انها تعلم حب القراءة والاهتمام بالكتب وبالمواضيع التي تتعرض لها الكتب. سيصبح وقت القراءة هو الوقت المفضل للطفل والاهل.

السنوات الأولى من العمر تشكل فترة حاسمة في تعلم اللغة حيث يكون الدماغ مهيئ للتعلم بسبب النمو المتسارع للدماغ في هذه الفترة.  الأحرى ان نستغل هذه الفترة لتهيئة دماغ الطفل للتعلم وتنمية حب الاستطلاع وشحذ المهارات.